حكاية توماس أديسون

النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب
النائب علاء عابد رئيس لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب

هل تعرف حكاية مخترع المصباح الكهربائي؟

بنهاية صيف عام 1878، عمل «توماس أديسون» وهو مخترع أمريكى على فكرة اختراع المصباح الذى يمكن استخدامه فى المنازل بديلًا عن مصابيح الغاز، وبعد 999 محاولة -حسب تقارير أمريكية- أعلن فى التجربة رقم «1000» نجاح اختراعه، وتصدر به عناوين الصحف الرئيسية، فعرف بكونه أول رجل يضيء حيًا كاملًا بالضوء الكهربائي.
تنفيذ الفكرة تطلب أربع سنوات من المحاولات المتكررة الفاشلة.. فالحرارة العالية تتسبب دائماً فى إذابة وقطع «الفتيل» أو سلك المصباح المضيء، اضطر لتجربة 2900 معدن وسبيكة مختلفة حتى اختار فى النهاية خيطاً من التنجستين يتوهج فى زجاجة ملأها (كى لا تحترق) بغاز خامل.

وحين سُئل عن سر العبقرية قال: لا يوجد سر فالعبقرية 1 % إلهام و99 % اجتهاد. مهما حاولت وفشلت إياك أن تيأس، واصل بالإصرار وبالعمل المستمر وبالتفكير المنطقى الموزون، إياك أن تتراجع حتى لو لم تصل مُت وأنت تقاوم وتحاول، أفضل كثيرًا من أن تموت وأنت مستسلم يائس، تخشى كلام الناس، وهمسهم ولمزهم.

يواصل أديسون، لم يكن أمامى إلا أن أنجح فقد أعطيت الفشل عشرة آلاف نجاح خلال عشرة آلاف تجربة سابقة فاشلة ولم يعد لديّ أى شىء آخر لأقدمه له.

لم أكن لأنجح فى اختراعاتى لو لم أدرك حاجات البشر، كنت أرى ما يريده الناس ثم أبدأ بالاختراع.

العظماء لم يخلقوا بين ليلة وضحاها، يجب ألا لا نتحدث عنهم وكأنهم ملائكة لا يخطئون، مصباح التنجستين أتى بعد 2900 مصباح فاشل، قاوم فشلك، قاوم إخفاقاتك، لا تتردد.
وأنا على المستوى الشخصى لا أنكر أبدًا أننى وخلال 58 عامًا من حياتى العملية والمهنية والسياسية التى قضيتها فى مشوار طويل وصعب، يمر أمام عينيّ الآن كشريط من الذكريات بعضها جميل وسعيد، وأكثرها صعب ومرهق، لم يخل هذا الطريق من صعوبات واجهتها بعضها من الغيرة أو المشاكسة، وأيضاً بعض من الدعم ممن حولى ولو بكلمة طيبة، والحقيقة أننى لا أنكر أبداً أننى أخفقت فى بعضها ونجحت فى البعض الآخر وأنا سعيد بهذه التجربة التى لم تنته حتى الآن لأننى مصمم على استكمالها بكل قوة وعزيمة وجهد وإيمان بالله مادمت حياً من أجل بلدى ومن أجل من حولى من الناس الطيبين البسطاء الودودين.

 ورسالتى دائماً هى النجاح وتحقيق الذات وترك إرث من التجارب لأبنائى وأصدقائى والشباب بصفة عامة وكذلك ممن حولى وتحديداً الذين يشعرون بأن الطريق قد يكون شاقا وصعبا وطويلا ومرهقا، فالخوف من الفشل وعدم المحاولة هما الآفـة الشائعة بين الشباب الآن، تسمع الكثير من الأفكار العظيمة ولكن العـبرة ليست فى الحديث عن الأفكار العظيمة، بــل عدم اليأس من تطبيق الأفكار العظيمة.

يجب أن ندرك أن الطريق الصعب يبدأ بخطوة فابدأ فوراً فأول محاولة لا تعـنى بالضرورة قـدرة صاحبها على النجاح وتكرار الإنجاز لا بل بالإصرار والتحدي، لأن حرصك على عدم الفشل يعنى التوقف وعدم تكرار المحاولة، أما حين تقوم بعزيمة وإرادة فـستصل لما تريد، فأديسون لم ينكر فشله إلى أن وصل للمرة الألف، بل اعترف أنها ليست الخطة المناسبة لصناعة المصباح، وأن هناك طريقة أخرى لم يجربها بعد.

أقول للشباب: التجارب فى الحياة تنقسم بين نجاح وفشل، ولا يعنى أبداً أن الفشل هو نهاية الدنيا وأن نبتعد ونترك مشاريعنا فى الحياة وطموحاتنا، بل هو تحويل مسار إلى خطط بديلة، والأهم هو أن نستفيد من تجاربنا السابقة. فأول خطوات النجاح هى الاعتراف بالفشل والبحث عن البديل.
واعلموا أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

وكما جاء فى الحديث الشريف، «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه».